NEWS & INSIGHTS

وسائل حماية حق المؤلف في البيئة الرقمية

SKP

مع النمو السريع واتساع التعامل عبر الإنترنت والمنصات الرقمية، ازدادت التحديات والاعتداءات التي يوجهها المؤلفون في حماية أعمالهم. في الأردن، أورد المشرع في قانون حماية حق المؤلف حمايةً لحقوق المؤلف من الاعتداءات ولكن دون تحديد أدوات و/أو صلاحيات تقنية الكترونية واضحة لتنفيذ هذه الحماية إن وجد اعتداء في البيئة الرقمية.

يتمثل الاشكال في حماية حقوق المؤلف في البيئة الرقمية بعدم وجود جهة فاعلة ذات اختصاص تقني واضح لتحقيق الحماية، فعلى سبيل المثال، يُعطي قانون حماية حق المؤلف بموجب المادة (46) منه صاحب الحق أن يتقدم سواء قبل إقامة الدعوى أو عند تقديمها بطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة أو المحكمة المختصة لإصدار الأمر بوقف التعدي، كما يعطي القانون أيضا صاحب الحق في اللجوء إلى مكتب حماية حق المؤلف لتلك الغاية.

 إلا أن تلك الوسائل تكاد تكون غير ذات قيمة في البيئة الرقمية، إذ لا يوجد نص صريح في قانون حماية حق المؤلف يحدد وسيلة حماية واضحة لوقف التعدي أو يولي الاختصاص لجهة تقنية مختصة لانفاذ وتأمين حماية فعلية  لوقف التعديات الالكترونية للمصنفات الأدبية والفنية التي غالبا ما تقام عبر شبكة الانترنت.

  تختص هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في المملكة بالقيام بالإجراءات اللازمة لحجب المواقع الالكترونية المعتدية أو المخالفة، حيث تعطي المادة (58) من قانون الاتصالات للهيئة صلاحية حجب خدمة الاتصالات (والتي تتكون من ارسال المعلومات واستقبالها وتمريرها على شبكات اتصالات) في حال تم استخدام الخدمة استخداما مخالفا للتشريعات النافذة.

إلا أن ذلك من الناحية العملية يتطلب (في المسائل المتعلقة بحقوق الافراد) صدور قرار من المحكمة لإجراء "حجب" الموقع المخالف، ومن المعلوم أن المحاكم وفي سياق اصدار قراراتها تتقيد بالنص القانوني الصريح وحالات "وقف التعدي" المنصوص عليها في قانون حماية حق المؤلف.

الواقع العملي يؤكد عدم نجاعة التشريع في التعامل مع التعديات الالكترونية لحقوق المؤلف المتعلقة بالمصنفات الأدبية والفنية التي تنشر عبر شبكة الانترنت. في إحدى القضايا، تعرّض مصنف مملوك من إحدى الشركات لاعتداء غير مشروع من شركة أخرى، من خلال نشر المحتوى نفسه على موقع الشركة المعتدية والظهور وكأنها هي مؤلف المصنف. وعلى الرغم من اللجوء للقضاء والحصول على قرار بـ "وقف التعدي" إلا أنه قد تعذر تنفيذ هذا القرار. والسبب في ذلك يعود إلى عدم وجود آلية أو نص واضح يحدد الجهة المختصة وصلاحيتها في ازالة الاعتداء سواء جزئيا أو كليا.

إن الخطورة في غياب وسيلة واضحة لتنفيذ الحماية المشار اليها يؤدي إلى هدر القيمة المادية لابتكار المؤلف. فالحماية القانونية الفعلية هي التي تؤمّن بيئة قانونية آمنة وضرورية لتحفيز وتعزيز الابداع الفني والادبي في المملكة.  لابد من تعديل قانون حقوق المؤلف بما يتماشى والتطور التكنولوجي بحيث تضمن نصوصه آلية واضحة للحد من التعديات المنتشرة عبر شبكة الانترنت وذلك من خلال استحداث - على سبيل المثال - وسائل تقنية وأقسام مختصة يتم الاشراف عليها من قبل خبراء ومختصين في مجال الانتهاكات الالكترونية للملكية الفكرية والصناعية.